سفارة جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية

الأخبار

المؤتمر الثامن لحزب العمل الكوري   :   السلام والسلم  في شبه الجزيرة الكورية .. و ”سياسة الصدمة ”  (3)

2021-01-29 21:15:40
المؤتمر الثامن لحزب العمل الكوري            السلام
المؤتمر الثامن لحزب العمل الكوري            السلام
د. يحيي خيرالله

المؤتمر الثامن لحزب العمل الكوري

السلام والسلم في شبه الجزيرة الكورية .. و "سياسة الصدمة " (3)

دكتور يحيي خيرالله

بقلم : د. يحيى خيرالله

كان للحديث عن إرساء السلام والسلم في شبه الجزيرة الكورية نصيبا كبيرا في التقرير الذي قدمه القائد الأعلى كيم جونغ وون إلى المؤتمر الثامن لحزب العمل الكوري، حيث أكد ما ورد في التقرير أن النية الخالصة للقائد الأعلى هي إرساء السلام والأمن في شبه الجزيرة الكورية، لينعم أبناء الأمة بشطريها بالسلام والأمن والابتعاد عن مخاوف وشرور المواجهة أو الحرب، ووضع لذلك شروطا غير جائرة بل عادلة يقبلها العقل السوي، وسنتطرق لتلك الشروط ليكون كلامنا ليس مرسلا بل يعتمد على البراهين لنؤكد على وجهة نظرنا في استخدام القائد الأعلى أسلوب المصارحة وعدم المراوغة والمباشرة في الحديث ليكون نظاما سياسيا جديدا يسبب صدمة للطرف الاخر بسبب مصداقيته وصراحته ويكشف عورة الاخرين .

إن للسلام والسلم في اللغة أسماء مشتقّة من فعل "سلِم" ويعني "أمِن" من كل ما يؤذيه أو يقلق باله وضميره، والسلام يستمد أهمية كبيرة في حياة الإنسان والمجتمع.

وليس هناك أسوأ من فقدان السِلم، لأنّ ذلك يعني الانشغال في قضايا أساسيّة لوجود الكائن الحي، وهي بذلك توجه طاقاته إلى غير التطور والازدهار، وتستهلك من حياته وتخرّب عيشته، لذا فالتوافق والتكيف مع البيئة مهم جداً في التمهيد لبسط السلام.

ولعلنا هنا نتطرق لالقاء نبذة عن تعريف السلام والسلم في شبه الجزيرة الكورية فهو الانسجام بين مختلف الفئات الاجتماعيّة التي تتميّز بعدم العنف أو الصراع بين السلوكيّات، ولديها التحرر من الخوف ومن العنف، وبناء أمة قوية من أجل رخاء المواطن الكوري.

فالمفهوم السائد للسلام يعبّر عن عدم وجود العداوة والانتقام، ويوحي السلام أيضاً بالمحاولات الصادقة في المصالحة، مع وجود العلاقات الشخصيّة أو الدولية التي تلتئم بطريقة صحيّة وحديثة مع الازدهار في مسائل الرعاية الاجتماعيّة أو الاقتصاديّة، وتحقيق المساواة، والنظام السياسي في العمل الذي يخدم المصالح الحقيقية للجميع.

واذا استعرضنا التقرير بشيء من الايجاز في مسألة "السلام والسلم في شبه الجزيرة الكورية " نجد أن أول ما تطرق له التقرير هو ما انجزه حزب العمل الكوري الذي كرس كل اعماله وطاقاته من أجل الشعب معتمدا على الذات، كما عرض التقرير في مستهله النجاحات المنجزة في سياق تجسيد سياسة أولوية جماهير الشعب، ولعلنا هنا نقف قليلا لنلقي الضوء على أهمية جماهير الشعب التي تمثل الذات الفاعلة للتاريخ، فهي الهدف الاسمى من الانجازات، فأي انجاز لا يخدم جماهير الشعب بشكل مباشرة لا قيمة له، لأن اثمن مخلوق على وجه الارض هو الانسان، فهو محور كل الاشياء وبدونه لا قيمة للكون كله.

لقد أعلن القائد الأعلى هدفه بصدق، من خلال ما جاء في التقرير بشكل مباشر، حيث قال : "كل شيء من أجل الشعب، وكل شيء بالاعتماد على جماهير الشعب!"، وبالشعب استطاع الحزب أن يحقق الانجازات الاقتصادية وإن كانت لم تبلغ الكمال الا أنها حققت نجاحا مبهرا في ظروف طبيعية صعبة اضف إلى ذلك العقوبات الدولية والوباء العالمي الذي أثر بالسلب على كل الاقتصاديات في العالم اجمع .

فقد استعرض القائد الأعلى الانجازات التي تخدم المواطن الكوري، فأكد على أن قطاع الزراعة شهد نجاحات غير مسبوقة في زيادة كمية إنتاج الحبوب الغذائية حتى في ظروف استمرار الجفاف القاسي والفيضانات الكبيرة، ونقص كل الأشياء، كما تناول التقرير الاكتفاء الذاتي الذي كان الشعار في قطاعي الصناعة المعدنية والصناعة الكيميائية وهما دعامتان متلازمتان للاقتصاد المستقل، كما شهدت قطاعات صناعة الطاقة الكهربائية وصناعة الفحم وصناعة الآلات والنقل بالسكك الحديدية وقطاع الاتصالات المعلوماتية سلسلة من النجاحات في التحضيرات التقنية وإرساء الأسس للنهوض بها.

وفي قطاع الصناعة الخفيفة، توفرت الامكانات الذاتية القادرة على رفع جودة السلع الاستهلاكية الشعبية وزيادة كمية إنتاجها بدرجة ملحوظة، عبر إعادة بناء المصانع،والمؤسسات الاستهلاكية الشعبية وزيادة إنتاجها بدرجة ملحوظة، عبر إعادة بناء المصانع والمؤسسات الرئيسية، وفي قطاع صيد الأسماك، أرسيت الأسس القادرة على زيادة الإنتاج بشكل منتظم .

كما تم تشجير أكثر من اثنين ونصف مليون فدان من الغابات الجديدة، وتوفرت القوى والوسائل اللازمة لتشجير الجبال والتحكم بالمياه وإدارة أراضي الدولة وحماية بيئتها وإدارة المدن، كما تحققت الانجازات والنجاحات في قطاع العلوم والتكنولوجيا والاختراعات العلمية والتقنية ذات القيمة.

إن ما تم من انجازات اقتصادية يعد حجر أساس في إرساء السلام والأمن في شبه الجزيرة الكورية ، فمن يبني ويعمر يسعى إلى السلام لا الخراب وإلى التنمية لا الدمار .

وسط تعدد الانجازات الاقتصادية التي جاءت بالتقرير للقائد الأعلى كيم جونغ وون، انتقل مباشرة للحديث عن إنجاز القضية العظيمة لبناء القوات المسلحة النووية لكوريا الديمقراطية، وهذا شيء غير مألوف في السياسة أن يفصح ويجاهر رئيس دولة عن الاسلحة التي يمتلكها بتلك الجرأة والشجاعة لتكون رسالة مباشرة دون التفاف إلى من يهمه الأمر ، محذرا إياه وجها لوجه، فقد أكد على أن الاسلحة النووية الجبارة كانت غاية إستراتيجية أساسية من واجب الحزب والشعب أن يبلغوها حتما وأولا وقبل غيرها في مسار بناء الدولة الاشتراكية المقتدرة التي تطلع كوريا إليها.

لعل البعض يقتص تلك الفقرة من التقرير ويشيع في أنها دعوة للتسلح بالاسلحة النووية - وقد حدث بالفعل في وسائل الاعلام الدولية - فيضلل الرأي العام الدولي ويقلب الموازين عند العامة - من أجل اضفاء الشرعية على تشديد العقوبات واستمرار الحظر لخنق كوريا، كمن وقف صارخا " ولا تقربوا الصلاة " وخرس لسانه ولم يكمل " وأنتم سكارى "، لقد اوضح القائد الاعلى كيم جونغ وون السبب في امتلاك كوريا السلاح النووي موضحا أن كوريا بخصوصيتها الجيوسياسية التي انقسمت أراضيها وأمتها إلى جزئين من قبل الولايات المتحدة الامريكية بكونها الدولة الأولى في العالم التي استخدمت السلاح النووي زريعة للحرب، وأن المواجهة مع تلك القوى العدوانية طال وأستمر على مدار قرون، مؤكدا على أن هذا يتطلب من كوريا أن ندفع عجلة بناء القوات المسلحة النووية الذي قد باشره القائد الأعلى قدما بهمة وعنفوان دون توقف، وذلك من أجل سلامة الشعب ومصير الثورة ووجود الدولة وتطورها المستقل.

وقد ذكر التقرير بالتفصيل المجرى التاريخي لإرشاد التحول الثوري الكبير لامتلاك القدرات النووية الجديدة بالكامل،كما ذكر أن إنتاج الصواريخ البالستية متوسطة المدى والعابرة للقارات من منظومة "مدفع هواسونغ"، والصواريخ البالستية القابلة للإطلاق من تحت المياه وعلى الأرض من منظومة "بوكوكسونغ" على النمط الكوري الخاص، أعطت صورة أكثر وضوحا عن مكانة كوريا بكونها دولة مالكة للأسلحة النووية، ومكنت من تعزيز قدرتها الرادعة الإستراتيجية الجبارة والمأمونة، القادرة على مواجهة أي تهديد، بعد امتلاك الدرع النووي المكتمل .

نستخلص من ذلك أن "سياسة الصدمة" القت بالكرة في ملعب الطرف الاخر في المواجهة، وأن السلام لا تفرضه الأيادي المرتعشة، ولا ينطق به الفم الذي فيه ماء، ولم يكن حديث القائد الأعلى حبيس الغرف المغلقة وتم تسريبه بل في العلن وامام العدسات، كما ظهرت الاسلحة الفتاكة في العرض العسكري، لتكون رسالة تحريرية حتى لا يكون فيها شك أو التباس.

ورغم كل ذلك ، اكمل القائد الأعلى الحديث عن التطور العسكري الكوري في تقريره للحزب معلنا دون تردد " أن قطاع البحوث العلمية للدفاع الوطني يقوم بالأبحاث في المرحلة الاخيرة لإكمال تقنية توجيه كل رأس بانفراد من الرؤوس المتعددة، وأنهى الاختراع والبحث العلمي عن مختلف أنواع الرؤوس ذات الرسالة القتالية المختلفة، مثل الرأس الحربي القادر على الطيران الشراعي بالسرعة الفوق صوتية القصوى التي سيتم تركيبه على الصواريخ البالستية الحديثة، ويستعد لصنعها التجريبي، كما تحدث في التقرير عن الغواصة النووية، التي تعد سلاحا نوويا فتاكا .

وبرغم أن النصيب الأكبر في التقرير كان للأقتصاد والقوات المسلحة الكورية إلا انا لم يغفل التطرق إلى رغبته في السلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية ، ووجه الى الشطر الشمالى رسالة مباشرة تتطلب الرد بكل شفافية وصراحة ، كما اشار إلى العلاقات الكورية الامريكية في التقرير بعبارات مباشرة صريحة شجاعة حيث ذكر في التقرير " بأن المفتاح لإقامة العلاقات الجديدة بين كوريا والولايات المتحدة يكمن في إلغاء الأخيرة سياساتها العدائية إزاء الأولى وأوضح رسميا موقف حزب العمل من معاملة الولايات المتحدة في المستقبل أيضا على أساس مبدأ الرد على القوة بالقوة وعلى حسن النية بحسن النية.

كما أكد مجددا على أن جمهورية كوريا لن تسيء استخدام الأسلحة النووية بوصفها دولة نووية مسؤولة، ما دامت القوى المعادية العدوانية لا تستخدم الأسلحة النووية ضدنا، لأنها قوات ردع وليس اعتداء.

لقد امسك القائد الاعلى كيم جونغ وون بيد القوة وبالاخرى راية السلام ، معلنا أن القدرة النووية الكورية كانت نتاج السياسة العدائية الامريكية لكوريا ولولا سياستها ما فكرت في أن تنتج ذلك السلاح الفتاك.

إن اعلان القائد الأعلى انواع الاسلحة التي تمتلكها كوريا وعرضها في العرض العسكري ما هي إلا سياسة الصدمة الجديدة في المواجهة، تحتاج إلى رد واضح وصريح تجاه كوريا، فبدلا من المواجهة فليكون السلام حلا عادلا يجنب البشر ويلات الحرب ، وليكن للمجتمع الدولي رد فعل ايجابيا لايقاف السباق في التسلح، وعلي الأمم المتحدة أن تمارس دورها المنوط بها في إرساء السلام والأمن الدوليين في شبه الجزيرة الكورية، واخلاء شطري كوريا من السلاح النووي كما جاء في بيان القمة الأولى بين كوريا الديمقراطية وامريكا في سنغافورة ، على أن تكون معاهدة السلام بين كل من الولايات المتحدة الامريكية وكوريا الديموقراطية نهاية لتلك الهدنة التى طال امدها تحت رعاية دولية .

ولتكن كلماتنا دعوة للخير والسلام في المعمورة، وايقاف التسلط والجبروت من الدول الكبرى، التي طال تشدقها بالديمقراطية وحقوق الانسان ، والتي واصبحت تستخدمهما كعصا تلوح بها لمن يسعي للحرية والاستقلال والكرامة .

إرسل لصديق