الأخبار
الرجل العظيم
الرجل العظيم
بمناسبة الذكرى العاشرة والمائة لميلاد الرئيس كيم إيل سونغ (1912 – 1994)، مؤسس كوريا الاشتراكية تجري حاليا الفعاليات الاحتفالية المتنوعة في المجتمع الدولي. احتفال البشرية التقدمية بعيد ميلاده احتفالا بالغ الأهمية يبرهن على أن الرئيس كيم إيل سونغ يعتبر رجلا عظيما أسطوريا حقق المآثر الخالدة في التاريخ.
مبدع الفكر الهادي لعصر الاستقلالية
يندر في التاريخ ظهور رجل عظيم أبدع فكرا يتعاطف البشر معه ونقله إلى حيز الواقع في جيله.
بعد أن استشف الرئيس كيم إيل سونغ قبل غيره متطلبات العصر الجديد للتاريخ الذي تظهر فيه جماهير الشعب كصاحب مصيرها، أبدع فكرة زوتشيه بكونها راية لصوغ مصير جماهير الشعب. وعالج كل المسائل الناشئة في الثورة والبناء بصورة مستقلة وخلاقة، اعتمادا على قوة جماهير الشعب وبما يتلاءم والواقع الشاخص لكوريا، لا بالنظريات الجاهزة أو بمساعدة القوى الخارجية.
تحت راية فكرة زوتشيه، اشتدت في كوريا حركة التحرر الوطني المناهض للإمبريالية، وبعده، جرى بنجاح بناء المجتمع الجديد حيث يصبح أبناء الشعب سادة للبلاد.
تعني فكرة زوتشيه أن سيد الثورة والبناء هو جماهير الشعب ولديها قوة دافعة للثورة والبناء، وبعبارة أخرى، أن المرء هو نفسه سيد مصيره ولديه قوة لصوغ مصيره. ونظرا لمصداقية هذه الفكرة، تم دراستها ونشرها في مختلف أرجاء العالم على نطاق واسع منذ القرن الماضي.
صدر كتاب "قاموس انتقاد الفلسفة" في فرنسا عام 1985، ألفه العلماء بمن فيهم الأستاذ المشهور في معهد دراسة الفلسفة لجامعة باريس العاشرة. يحتوي هذا الكتاب على المضامين التي حللت ونقدت، بشكل لاذع حسب الآراء الذاتية لمؤلفيه، الأفكار الفلسفية الرائجة حتى ذلك الحين في مختلف بلدان العالم ولاسيما النظريات الاجتماعية والسياسية التي تطرحها الأحزاب الماركسية في مختلف البلدان. ومما يلفت النظر فيه أنه لم تستثن الانتقادات عن كل الكلمات الأساسية من الأفكار والنظريات الأخرى، ولكن لم تكن فيه عبارة واحدة تنتقد فكرة زوتشيه.
في القرن الحادي والعشرين أيضا، تظهر فكرة زوتشيه قدرتها الحيوية باستمرار، تماشيا مع ازدياد تقدم الجماهير الشعبية التي تعارض السيطرة والاستعباد وتطالب بالسيادة والعدالة الدولية بحلول القرن الجديد.
قاهر الإمبرياليتين في جيله
انطلق الرئيس كيم إيل سونغ إلى طريق النضال الثوري ضد الإمبريالية اليابانية لاسترجاع البلاد المحرومة منها في الثالثة عشرة من عمره، وأسس جيش حرب العصابات الشعبي المناهض لليابان (تم تحويله إلى الجيش الثوري الشعبي الكوري في الوقت اللاحق) في عام 1932، باعتباره أول قوات مسلحة ثورية دائمة في كوريا وقاتل المعتدين الإمبرياليين اليابانيين في حالة عدم وجود العمق الاستراتيجي من الدولة ودون دعم من الجيش النظامي، في سهول منشوريا الفسيحة في شمال شرقي الصين حيث تهبط الحرارة إلى 30 أو40 درجة تحت الصفر وفي مناطق الحدود الشمالية لكوريا لمدة أكثر من عشر سنوات.
حينذاك، دار في كل أرجاء كوريا وشمال شرقي الصين واليابان كثير من الأساطير الساحرة عن أساليب حرب العصابات المرنة للرئيس كيم إيل سونغ، قائلة بأنه يمارس فن تقصير المسافات على الأرض ويتنبأ بتقلبات الطبيعة. وأخيرا، انهزم الإمبرياليون اليابانيون الذين كانوا يتبجحون بأنهم يكونون في مصاف الدول العسكرية القوية الخمس في العالم، بعد تعرضهم للضربات القاصمة من الهجوم العام للجيش الثوري الشعبي الكوري والمقاومة الشعبية الشاملة بقيادة الرئيس، في يوم 15 من أغسطس/ آب عام 1945 في كوريا.
لقد ورد في إحدى الوثائق الدبلوماسية قبل تحرر كوريا، "أن الجيش الشيوعي الكوري (وحدة كيم إيل سونغ) قد يزحف إلى شبه الجزيرة الكورية كلها في فترة مناسبة"، وكتب الأستاذ في إحدى الجامعات الأمريكية "أن منشوريا القديمة (شمال شرقي الصين) هي بؤرة الحرب الباسيفيكية، وأصبحت المقاومة بقيادة القائد كيم إيل سونغ عاملا هاما لإحباط التضخم العسكري لليابان فيما بعد."
قاد الرئيس كيم إيل سونغ الشعب الكوري والجيش الشعبي الفتي الذي لم تكن تمضي السنتان منذ تأسيسه وحقق انتصارات رائعة في الحرب الكورية (1950- 1953) ضد المعتدين الإمبرياليين.
في فترة الحرب من السنوات الثلاث، خلق الجيش الشعبي كثيرا من الأساطير منقطعة النظير في تاريخ الحروب العالمي، مثل إغراق الطراد الثقيل الأمريكي بأربعة زوارق الطوربيد وإسقاط الطائرات النفاثة الأمريكية متتاليا بطائرات الداسر. كما صدت بطارية المدفعية الساحلية الواحدة هجوم القوات الضخمة لأكثر من 50 ألف جندي، المزودة الطائرات والسفن الحربية لمدة ثلاثة أيام مما جعل يفصل جنرالات العدو من مناصبهم ويتم أسرهم وقتلهم وجرحهم على التوالي. إذا تكلل الشعب الكوري بالنصر في هذه الحرب الضروس التي سجلت في تاريخ الحروب العالمي بالمجابهة بين البندقية والقنبلة الذرية، فيعود سببه إلى استراتيجيات الرئيس كيم إيل سونغ وتكتيكاته البارزة وفنه المرنة لقيادة الجيش.
قال غوميس رئيس البرتغال الأسبق الذي قد اشترك في الحرب الكورية كرئيس أركان القوات البرتغالية المرابطة في ماكاو: "إن الخطة العملياتية التي وضعتها الولايات المتحدة الأمريكية آنذاك هي ما خرج عن اجتماعات ومناقشات عديدة لدى عشرات الجنرالات من رؤساء أركان الحرب والخبراء العسكريين في البلدان الغربية الواقفة إلى جانبها. لكن الرئيس كيم إيل سونغ أقدم على إحباطها بمفرده. بعد أن رأيت ذلك بأم عيني، أدركت أنه ما هو إلا استراتيجي عسكري عبقري وقائد لامع عظيم لا نظير له في هذه الدنيا".
خالق لأعجوبة "تشوليما"
رغم أن الأمريكيين قالوا إن كوريا لن تنهض على قدميها من جديد إلا بعد مرور مائة سنة، إلا أن الرئيس كيم إيل سونغ استنهض جماهير الشعب إلى بناء الدولة الاشتراكية المقتدرة حتى أقامها على أرض كوريا في فترة وجيزة.
أحد أكبر مآثر الرئيس كيم إيل سونغ في بناء اقتصاد البلاد هو إنجاز المهام التاريخية للتصنيع الاشتراكي لمدة لا تنوف على 14 سنة. في عام 1956، حين كان وضع البلاد الاقتصادي عسيرا، زار الرئيس أحد مصانع الفولاذ وأخبر العمال فيه الظروف القائمة في البلاد بصراحة ودعاهم إلى تذليل المصاعب قائلا إنهم يثقون به وإنه يثق بهم. تلبية لندائه، أجج أفراد الطبقة العاملة في هذا المصنع لهيب حركة التجديدات الجماعية وخلقوا معجزات ماثلة في تصفيح 120 ألف طن من الفولاذ بمدلفنة النورات بطاقة 60 ألف طن.
باتخاذ إنجازاتهم هذه جذوة نار، أضرم الرئيس لهيب حركة تشوليما (الحصان المجنح الأسطوري الذي يقطع ألف ري في يوم، وهو يرمز إلى روح الشعب الكوري المتقدم بسرعة فائقة – المترجم) في أنحاء البلاد.
في فترة ما بين عامي 1957 و1970، حيث تم إنجاز المهام التاريخية للتصنيع الاشتراكي، نما الناتج الصناعي بمعدل 19.1 بالمائة سنويا، ولاسيما بلغت سرعة نموه السنوي المتوسط خلال أربع سنوات بين عامي 1957 و1960 إلى 36.6 بالمائة. وكانت سرعة نمو الاقتصاد هذه لم يكن يجربها أي بلد في العالم حتى ذلك الحين.
وإن الأسس الاقتصادية الوطيدة التي أرسيت بهذه الطريقة، قد باتت عوامل هامة جعلت كوريا تدافع عن رايتها الاشتراكية وتتقدم على طريق الاستقلالية المناهضة للإمبريالية دون تغيير حتى في تلك الفترة التي كانت البلدان الاشتراكية تنهار منذ أواخر الثمانينات حتى أوائل التسعينات من القرن الماضي.
حقا إن مآثر الرئيس كيم إيل سونغ الذي أقام دولة اشتراكية قوية بالاعتماد على القوى الذاتية على أنقاض من الرماد بعد الحرب في مدة قصيرة من الزمن، تتناقل حتى اليوم على ألسنة الناس كأعجوبة في تاريخ الاقتصاد.