الأخبار
شهود الزور و حُمْرَة الخَجَلِ
شهود الزور وحُمْرَة الخَجَلِ !!
بقلم : د. يحيى خيرالله
ماذا لو افترضنا أني سألتقي برئيس مجلس حقوق الانسان بمنظمة الأمم المتحدة ،
بداية لا سلام ولا تحية لشهود الزور ومن لا تعرف ملامحهم حُمرة الخجل،
استهل اللقاء الافتراضي بالاستنكار والرفض جملة وتفصيلا للأكاذيب والادعاءات التي روجها مجلسكم بالتعاون المُخطط له مع منظمات حقوق الإنسان العالمية ضد مصر، وأؤكد لكم أن منظمات "هيومن رايتس ووتش" و "العفو الدولية "وغيرهما من المنظمات أصبحت لسان حال جماعة الإخوان الإرهابية، ومتحدثا رسميا لها نظير أموال قذرة ورشاوي تدفع لهم من قبل دول وأنظمة – تعلمونها عن ظهر قلب - تدعم وتسلح وتأوي وتمول الإرهابيين على أراضيها على مرأى ومسمع من مجلسكم الذي افتقر إلى العدالة والحيادية وحماية حقوق الإنسان المُكلف بها، لأنكم انتهكتم حقوقنا ببيانكم المشبوه.
فليتسع صدركم مرة واحدة ؛ لتتعلمو درسا غاب عنكم وعن مجلسكم، ألا وهو مفهوم" العدل والعدالة "والتي كانت سببا في بناء الحضارة المصرية القديمة في الوقت الذي كانت فيه بلادكم لا اسم ولا حدود لها، وغير مأهولة لا بالإنسان ولا بالحيوان.
كنا في ذلك الوقت نمتلك أعظم حضارة تحترم الإنسان وقد بناها أجدادنا الكرام بالعدل والعدالة ، فاسمحوا لي أن استدعي الآن جدي "خونانوب" الفلاح المصري الفصيح -4200 ق.م – أظنكم تعرفونه وإلا سأعتبركم مفتقدون لمعرفة تاريخ الإنسانية الذي ولد على أرض الكنانة؛ وهو ما يتسع له المجال الذي يسمح لكم بأن تتعلمو منه معنى العدل وقيمة العدالة في بناء الإنسان أولا والحضارات ثانيا.
فحين سُلبت من جدي الفصيح ممتلكاته ، لم يصمت ؛لأنه كان مأهول بوصية أخلاقية جاءت على لسان الإله "رع" تقول: "تكلم الصدق، وافعل الصدق أو الحق؛ لأنه عظيم، وأنه قوي، وأنه دائم" ؛ من هنا كانت فصاحة جدي، حيث قال حين تعرض للظلم :"إن جوفي يضيق بما فيه، وإن قلبي ينطق. هناك صدع في السد، والمياه تندفع منه، لذلك افتح فمي لأتكلم؛ ليس هناك من صامت إلا وقد أنطقته. ليس هناك من نائم إلا وقد أيقظته، وليس هناك من جاهل إلا وقد جعلت منه حكيمًا. أقيم العدل من أجل الإله الذي أصبح عدله قانونًا للعدل؛ فالعدل للخلود، وهو يهبط مع صاحبه إلى القبر، حينما يُلف في كفنه، ويوضع في التراب، فلا يمُحى اسمه من الأرض، بل يُذكر لأنه أقام العدل، وذلك هو شرع الإله".
هذه هي مصر التي لا تعرفون قدرها، علمت الإنسانية معنى العدل، وأنتم الآن تكيدون لها المكائد ولجيشها العظيم – الذي وجد في التاريخ منذ عام 3200 ق. م -؛لمجرد أنها تحارب الإرهاب الذي صنعتموه بالتمويل والتدريب والحماية بعناية وتخطيط ، وأعلنتم براءتكم منه ، وظننتم أننا غافلون عن ألاعيبكم ، و لأن إرهابكم تعود أن يقود الحرب معنا في سيناء نيابة عنكم، لم يجد أمامه خيرا منأجناد الأرض الفاضحةلأفعالكم والكاشفة لستر مخططاتكم المشبوهة، على الرغم من أنني لا أميل كثيرا لنظرية المؤامرة، كما عهدناكم متشدقين بها كلما سنحت الفرصة لتبريراتكم الواهية ولكن هذه المرة لدي يقين جازم على أنها مدبرة من 31 دولة والتي يضمها مجلسكم بقيادة أمريكا الشيطان الأعظم وولي نعمتكم.
حقا، - إن لم تستح فاصنع ما شئت- ، هي عبارة مفعمة المعنى لأنها تخص الذين ينصبون أنفسهم شرطيا على العالم، ويسخرون منظماتهم المشبوهة السيئة السمعة ؛ لتتخذ من مجلس حقوق الانسان بالأمم المتحدة المؤسس في مارس 2006 والذي يضم في عضويته 46 دولة - وسيلة وعصا تلوحون بها لمن يرفض الخضوع أو الاستكانة لكم، على الرغم من أنكم أول من انتهك حقوق الإنسان في العالم منذ نشأة دولكم الاستعمارية، والتي سلبت مقدرات الشعوب والأمم وانتهكت حرمة الإنسان في كل بقاع المعمورة .
السيد رئيس مجلس حقوق الانسان ،
لم نسمع عن التفرقة العنصرية والتمييز إلا في بلادكم، ولم نعرف الصراع بين الأسود والأبيض إلا بين مواطنيكم ، فمنذ أكثر من 1400 عام وطأ " بلال بن رباح" صاحب البشرة السمراء والقلب الأبيض الكعبة المشرفة ليعلن الوحدانية لله، وتكريما وسموا له إنسانا، هذا نحن، أما أنتم، شاهدتم وسمعتم " جورج فلوريد " الأمريكي "الزنجي " كما تسمونه أنتم تمييزا ونبذا له، والذي صرخ أمام المجتمع الدولي عبر الكاميرات صوت وصورة ، وهو مُلقى على الأرض وقدم الشرطي الأمريكي "الأبيض" على رقبته، صارخا، مستغيثا " أرجوك .. لا أستطيع التنفس"، ولفظ أنفاسه أمام مجلس حقوق الإنسان صاحب التقارير، بل وأمام منظمة الأمم المتحدة التي تكيل بمكيالين ولم تحرك ساكنا، ولم تنبس ببنت شفة:
- ألم تشاهد سيادتك هذا المشهد المخزي؟!
- لما تدير وجهك الذي لا تعرف ملامحه حُمرة الخجل؟!
لقد فاض بنا الكيل، فالجرائم التي ارتكبتها الدول الموقعة على ما جاء من شهادة زور في تقرير مجلسكم، فضحها وفندها بيان البعثة الدائمة لمصر لدى الأمم المتحدة،والمرسل إليك على اعتبار أنك رئيس لمجلس حقوق الإنسان،حيث استهل البيان الإعراب عن الأسف وخيبة الأمل في مجلسكم لتسييسه بصورة فجة ، عندما وجه بيان مصر بشكل مباشر رسالة قوية للدول سيئة السمعة في ملف حقوق الإنسان والتي أرادت أن تداري سوءاتها بهذا التقرير المُعد بقصد وسوء نية ضد خير أجناد الأرض وبشكل خاص وبدعم أمريكي.
ولأنك تعرف تماما من هو الشيطان الأعظم في الأرض ، ومن نصبت نفسها شرطيا على العالم ، أود سيادة رئيس مجلس حقوق الإنسان –و أنا حين أقول "سيادة الرئيس" فهو تأدبا مني وليس تكريما - و بعيدا عن حادثة " جورج فوريد " في بلد الحريات، فإن سجل جرائم الدول الأوربية وأمريكا ضد الإنسان لا تعد ولا تحصى، وأنا مدرك يقينا أنك تلغي حاسة السمع لما يحمله كلامي من ضجيج يسبب صداعا مزمنا لديك، ومع ذلك سأقص عليك أسوء القصص عن تاريخ يعج بالعار أقتص منه نبذة عن الجرائم الأمريكية في حق الإنسان الأمريكي نفسه، ليس هذا فحسب بل ويتعداه إلى خارج الأراضي الأمريكية.
ففي عام 2019أعلنت صحيفة " الجارديان " أن عدد عمليات القتل الجماعي في أمريكا بلغت 415 عملية نتيجة إطلاق الرصاص العشوائي، كما أعلن مكتب تعداد السكان الأمريكي أن عدد الفقراء تعدى 39.7مليون نسمة في أكبر وأغنى دولة في العالم، وأكد مركز أبحاث واشنطن أن عدد الأطفال المشردين والفقراء في أمريكا بلد الديمقراطية بلغ 12.8 مليون نسمة، والنساء في بلد الحريات كما يقولون تعرض ما يقرب من 70% منهن إلى تعذيب جسدي وجنسي، ناهيك عن مسرحية الفضائح الخاصةبالانتخابات الأمريكية.
السيد رئيس مجلس حقوق الانسان ،
أعلم أنك ضقت بكلامي، لذا سأطرح عليك سؤالا لأعفيك من الحرج مع أسيادك الأمريكان:
- هل تعلم من أكثر دولة اشعلت الحروب في العالم منذ بداية الالفية الثالثة ؟
- ومن أكثر دولة ضحت بجنودها دون مراعاة لحقوقهم الأنسانية ؟
- ومن أكثر دولة أنفقت الأموال على الحروب في تلك الفترة أيضا ؟
أرجو أن تتمالك نفسك، إنها أمريكا، نعم، سقط لأمريكا أكثر من 800 ألف قتيل، وأنفقت 6.4 تريليون دولار على حروبهم ، وتسببت حروبهم في عشرات الملايين من النازحين وشردت الأطفال ورملت النساء في كل بقاع الأرض، ما شاء الله سجلكم القذر حافل بالفضائح ضد الانسانية.
السيد رئيس مجلس حقوق الانسان
أود أن أوجه إليك سؤال:
- هل تعرف لماذا الإدارات الأمريكية المتعاقبة والتي تتشدق بحقوق الإنسان لا تقبل بسلطة المحكمة الجنائية الدولية على قواتها العسكرية ؟
هل أصابك الخزي من سؤالي؟!
ألا تعلم أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة ستواجه بقائمة من التهم الموجهة لأمريكا بارتكاب جرائم حرب؟! ، وعلى سبيل المثال حرب فيتنام والحرب العالمية الثانية وحرب كوريا وقتل الأبرياء العزل في العراق وفلسطين وسوريا واليمن وليبيا ...الخ، أليس كل هذا انتهاكا يصيبكم بالقلق؟! جلودكم أصبحت سميكة جعلتكم لا تشعرون بما نشعربه، مع كل هذه الفضائح أسألك أيها السيد الرئيس: أين حمرة الخجل؟من المؤكد لا تعرفونها.
أما عن الدول الأوربية التي أدمنت الهيمنة والسيطرة على إرادة الشعوب عنوة، وأدعت امتلاك أعظم تراث إنساني انكشف أمرها وانهارت أمام فيروس كورونا؛ وقد شاهدنا المواطن الأوروبي جثة هامدة في الشوارع دون رحمة أو إنسانية، حتى فاحت رائحتهم.
هنا كان إلزاما على مجلسكم التعبير عن " قلقه " إزاء الأنظمة الهشة التي لم تراع حرمة وحقوق الإنسان في العلاج، أين النظام التأميني الذي كنتم تتحدثون عنه ؟!، فحقوق الإنسان سيادة رئيس المجلس ليست بالدفاع عن "الزواج المثلي "، لأنكم بذلك أفسدتم فطرة الكون وأنتم تتبجحون بحقوق الإنسان وحريته.
اهتموا أولا بمواطنيكم وبلادكم التي لا تعرف عن العدل إلا اسمه، وأنصحكم بدراسة رسائل جدي الفلاح المصري الفصيح التسع والتي كتبت على أوراق البردىفي أربع مخطوطات من أربعمائة وثلاثين سطراً، كما أنصحك أيضا ألا تشهدوا زورا في تقاريركم حتى يعرف ملامح وجهكم حُمرة الخجل ، وأبلغ الإدارة الأمريكية أن تبحث عن نبات استوائي في بلادهم اسمه " الخجول " له رؤوس زهرية بنفسجية زاهية وأوراق مركبة بوريقات وسيقان تنطوي وتتدلى إذا لمسته االيد، ومن هنا سمي النبات بالخجول ، لعلهم يتعلمون الخجل من فطرة الطبيعة .
واختتم هذا اللقاء الافتراضي دون تحية أو استئذان لمعاناتي طوال حياتي من شهود الزور لعنهم الله في الدنيا وفي الآخرة لأنهم يستبدلون الحقائق، من أجل منصب أو حفنة من النقود، ولعل حسن الختام يكون بكلمة جدي " خونانوب" التي تحمل مغزى التراث الإنساني ، حين قال: "لا تنظر للغد قبل مجيئه، فلا أحد يعرف ما سيأتي به من خير أو شر، عليك أن تفعل الخير ولا تنتظر مقابلاً".
سيادة رئيس مجلس حقوق الانسان،
اقلق كما تشاء، فنحن سندعم خير أجناد الأرض بأرواحنا وأموالنا كي تقتلع جذور الإرهاب من أرض سيناء ، وسنطهر كل بقاع أرضنا التي تجلى فيها رب العزة من الإرهاب وحلفائه، أبلغ أنصارك بأننا داعمون لأبنائنا الأبطال ونشد على أيديهم ألا تأخذهم رحمة بالمفسدين في الأرض، وأن تقريركم ما هو إلا كاشف لمخططكم، فلا تشهدوا الزور حتى تعرف ملامحكم حُمرة الخجل .
مواطن مصري عربي