الأخبار
كيم جونغ سوك .. مناضلة يحفظ اسمها التاريخ
كيم جونغ سوك .. مناضلة يحفظ اسمها التاريخ
المناضلة كيم جونغ سوك البطلة المناهضة لليابان
اليوم الثاني والعشرون من سبتمبر لهذا العام يصادف الذكرى ال71 لوفاة المناضلة كيم جونغ سوك
(1917 – 1949)، التي يبجلها أبناء الشعب الكوري والشعوب التقدمية في العالم "كبطلة مناهضة لليابان".
يعرف التاريخ عددا كبيرا من السيدات المشهورات اللواتي ذاع صيتهن بالمآثر التي ساهمن بها في تقدم البلاد والأمة وازدهارهما، ولكنه لم يعرف الناشطة السياسية البارزة مثلها، والتي كرست كل ما لديها من أجل حرية الشعب وسعادته على مدى حياتها.
ولدت كيم جونغ سوك في أسرة فلاحية فقيرة، في يوم 24 من كانون الأول عام 1917، في حارة أوسان بمدينة هويريونغ في محافظة هامكيونغ الشمالية الواقعة في شرق الشمال من كوريا. آنذاك، كانت كوريا تحت وطأة الحكم العسكري الهمجي لليابان (1905 – 1945). في عام 1922، ما اضطرت أسرتها إلا إلى أن تهاجر إلى أرض الغربة عبر نهر دومان، نظرا للحزن القومي للحرمان من البلاد وضنك العيش المدقع.
بعد أن اختبرت كيم جونغ سوك حتى النخاع حزن العبيد المحرومين من الوطن، انخرطت في طريق النضال المقدس لاستعادة البلاد، وهي ما تزال في مطلع صباها بعد العاشرة من عمرها، وترعرعت كثورية محترفة من خلال نضالها السري ونشاطاتها في منطقة حرب العصابات.
في عام 1935، التحقت بالجيش الثوري الشعبي الكوري بقيادة الرئيس كيم إيل سونغ، وأظهرت سمعتها كقائدة مناهضة لليابان وناشطة سياسية كفوءة، وهي تجتاز دروب الدم والنار الطويلة من الثورة المناهضة لليابان، وبيدها سلاح، إلى أن تحقق تحرر كوريا في يوم 15 من آب عام 1945. لقد شاركت في العديد من المعارك، ومنها معركة الدفاع عن منطقة تشيتشانغتسي لحرب العصابات، ومعركة حاضرة محافظة فوسونغ ومعركة داديشوي، حيث أظهرت كل ما تتحلى به من الشجاعة منقطعة النظير والخطط الاستراتيجية الفذة وفن الرماية السحري. قصة دفاعها عن أمن وحدة الجيش، باستدراج كثير من الأعداء إليها لوحدها، وقصة خياطتها لـ 600 طاقم من البزات العسكرية خلال عشرين يوما فقط، مع بضعة أنفار من الجنديات في جوف الغابة، دون توفر أبسط أدوات الخياطة، وقصة كونها أول جندية بالمظلة في أيام الاستعداد للمعارك النهائية الحاسمة لتحرير الوطن، وإلهامها وتشجيعها المقاتلين على استيعاب الطرق الحربية الجديدة، وغيرها من القصص الكثيرة التي تركتها في ساحة المعارك المناهضة لليابان، ممهورة في أعماق قلوب الشعب الكوري حتى في يومنا هذا.
في تلك الأيام، تلقت كيم جونغ سوك مهام العمل السياسي السري الهام من الرئيس كيم إيل سونغ، وقامت بلا كلل بعمل توسيع شبكات منظمات جمعية استعادة الوطن (منظمة الجبهة المتحدة الوطنية المناهضة لليابان، التي أسسها الرئيس كيم إيل سونغ في اليوم الخامس من أيار عام 1936) في كل أرجاء البلاد، ومنها منطقة سينفا (في ذلك الحين)، الواقعة في الحدود الوطنية من شمال كوريا، بحيث جمعت شمل الجماهير على اختلاف طبقاتها وفئاتها بتراص تحت راية مناهضة اليابان، ووطدت القاعدة الجماهيرية لشن المقاومة الشعبية الشاملة.
وأبرز مآثرها في قضية التحرر الوطني هي أن دافعت عن الرئيس كيم إيل سونغ مجازفة بحياتها. فمن المعروف على نطاق واسع أن دافعت عن سلامة الرئيس، عن طريق جعل نفسها قنبلة ودرعا في تلك اللحظات الحرجة التي كان فيها رجال الجيش والشرطة اليابانيون يصوبون ببنادقهم نحو الرئيس، في العديد من المعارك مثل معركة هونغيهي الجارية في آذار عام 1940 والمعركة في وادي داشاهي في صيف ذلك العام. كان الرئيس
كيم إيل سونغ لا ينسى الحادثة في تلك الفترة لمدة طويلة، فقال في مذكراته "في دوامة القرن" إن كيم جونغ سوك أنقذتني من الأزمة عدة مرات، وإنها كانت على استعداد دائم لتكون قنبلة جسدية، إذا كان ذلك لازما لأمن سلامتي.
وآثار نضال كيم جونغ سوك في قضية تحرير كوريا باقية بوضوح حتى في الشعارات التي كتبها مقاتلو حرب العصابات المناهضة لليابان على جذوع أشجار الغابات كالآتي:
"إن قائدي استقلال كوريا هما كيم إيل سونغ وكيم جونغ سوك، أيها العشرون مليون نسمة من أبناء الأمة"، و"القائدة المناهضة لليابان في جبل بايكدو، كيم جونغ سوك، هي البطلة نادرة الوجود التي أنجبتها كوريا"، و"القائدة في جبل بايكدو تسحق الأوغاد اليابانيين، وهي تظهر وتختفي بفنون السحر وتطوي الأراضي"... .
وبعد تحرر البلاد أيضا، ساعدت كيم جونغ سوك بحماسة نشاطات الرئيس كيم إيل سونغ لبناء وطن جديد. فقد رافقته في أثناء توجيهاته الميدانية، هو الذي يذهب إلى أرجاء البلاد كلها لزيارة المصانع والأرياف وقرى الصيادين المخربة بأيدي الإمبرياليين اليابانيين، واستنهضت أبناء الشعب إلى خلق حياة جديدة وبناء مجتمع جديد. تفيد المعلومات بأنها زارت مئات الوحدات لأكثر من 700 مرة لمدة قصيرة لا تزيد على أربع سنوات بعد التحرير.
أولت كيم جونغ سوك اهتمامها الكبير لعمل بناء القوات المسلحة النظامية أيضا، وفاء لغايات الرئيس
كيم إيل سونغ، المتمثلة في جعل أبناء الشعب الكوري لا يتعرضون لحزن المحرومين من وطنهم مرة أخرى. وفي اليوم التاسع من أيلول عام 1948، تم تأسيس جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، بلد الشعب الذي لشدما رغبت فيه.
وكيم جونغ سوك التي حققت المآثر الخالدة من اجل الوطن والأمة، وظلت تحظي بحب الشعب واحترامه اللامتناهي، فارقت الحياة في ريعان شبابها، في يوم 22 من أيلول عام 1949. إلا أن حياتها تركت آثارا لا تمحى في حوليات تاريخ كوريا الحديثة.
إن حياتها القيمة المكرسة لتحرير كوريا وبناء الوطن الجديد ستتألق إلى الأبد مع خلود جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية المزدهرة أيما ازدهار.