الأخبار
تحت راية تحرير البلاد بالقوة الذاتية
تحت راية تحرير البلاد بالقوة الذاتية
في اليوم الخامس عشر من شهر آب عام 1945، تحررت كوريا من نير الاحتلال العسكري الياباني. وصار هذا الحدث العظيم لأبناء الأمة الكورية ثمرة قيمة أتت بها روح الاستقلال الثابتة للرئيس كيم إيل سونغ، المحسن الفاضل لإنقاذ الأمة.
إذا راجعنا بذاكرتنا إلى الماضي، فإننا نجد أن كوريا المستعمرة التي اغتصبت سيادتها الوطنية تماما من قبل اليابان وحرمت عليها حتى ثقافتها وأسماؤها في أوائل القرن العشرين الماضي، صارت بمثابة جهنم بشري حي كبير لا يمكن للمرء فيه التنفس عند حياته، والدفن بعد مماته.
فانطلق أبناء الشعب الكوري إلى الانتفاضة في الأول من آذار عام 1919، نائحين بمأساة حرمانهم من الوطن، بغية مقاومة الإمبرياليين اليابانيين حينا، وحينا آخر، خاضوا نضال جيش المتطوعين وتقديم العرائض الداعية إلى الاستقلال، ولكن ما عاد إليهم إلا القمع الوحشي للغزاة، والمعاملة الباردة للدول الكبرى.
في هذه الفترة بالذات، رفع الرئيس كيم إيل سونغ راية تحرير البلاد بالقوة الذاتية.
أدرك الرئيس، وهو في مطلع صباه، أي بعد العاشرة من عمره، حقيقة عميقة مفادها أن المرء هو صاحب مصيره، ولديه قوة لصوغ مصيره أيضا، وشق طريقا جديدا يختلف تماما عما سلكه أفراد الجيل السابق، طريقا أصيلا لوضع الثقة في الشعب والاعتماد عليه. حقا إنه كان وسيلة عادلة وحيدة للتحرر القومي خوض المقاومة المسلحة الشاملة للأمة، بتعبئة كل قوى الشعب، طالما أن أية دولة قوية كبرى لا تمنح الاستقلال للآخرين، وفي وضع لا يمكن فيه تخمين متى تنتصر الثورة في المتروبول.
بعد أن طرح الرئيس فكرة تقول بأن الأعداء المسلحين لا يمكن قهرهم إلا بالسلاح، تقدم في حزيران عام 1930 بخط تحقيق قضية التحرر القومي عن طريق خوض النضال المسلح، وذلك في اجتماع كارون التاريخي لإيضاح طريق تقدم الثورة الكورية. وعلى ذلك، أسس جيش حرب العصابات الشعبي المناهض لليابان (أعيد تنظيمه إلى الجيش الثوري الشعبي الكوري فيما بعد، وهو سلف الجيش الشعبي الكوري الحالي) في يوم 25 من نيسان عام 1932 وخاض النضال المسلح ضد اليابان.
كانت الحرب المناهضة لليابان نضالا شاقا لا مثيل له في تاريخ الحروب الثورية العالمية، إذ أنها حرب يجب القيام بها باستماتة مع الإمبرياليين اليابانيين المدججين بالسلاح حتى الأسنان، وذلك بدون عمق استراتيجي للدولة أو مساعدة من الجيش النظامي. ولكن مقاتلي حرب العصابات الكوريين حصلوا على كل مستلزمات القتال، مثل الذخائر والأسلحة والحبوب الغذائية والملابس بأنفسهم.
فقد صنعوا "قنبلة يونكيل" بقوتهم الذاتية، بعد بناء مشغل السلاح في الغابات، وخاطوا الأزياء العسكرية بصنع إبر ماكينات الخياطة من الأسلاك الحديدية.
ومن أجل تحقيق تحرر البلاد بالقوة الذاتية للأمة الكورية، أسس الرئيس كيم إيل سونغ جمعية استعادة الوطن، بكونها منظمة جبهة متحدة تشمل عموم الأمة، الأمر الذي أدى إلى اتحاد جميع الكوريين المحبين للبلاد كرجل واحد تحت راية استعادة الوطن، بغض النظر عن الفكر والآراء السياسية والطبقة والعقيدة الدينية، وخوض نضال التحرر القومي الكوري على نطاق الأمة كلها. إن برنامج النقاط العشر لجمعية استعادة الوطن، الذي دعا إلى تحقيق تحرر البلاد بتعبئة أبناء الأمة الكورية بأسرهم، لم يكن يختلف عن إعلان المقاومة الشعبية الشاملة في واقع الأمر. ففي المادة 1 لـ "برنامج النقاط العشر لجمعية استعادة الوطن" الذي تم اتخاذه في اجتماع تأسيس جمعية استعادة الوطن، المنعقد في اليوم الخامس من أيار عام 1936، جاء بما يلي:
"1 – تعبئة الأمة الكورية بأسرها وتحقيق جبهة متحدة مناهضة لليابان واسعة النطاق في سبيل الإطاحة بالحكم الإمبريالي الياباني القرصاني وإنشاء حكومة شعبية حقيقية في كوريا."
كان تأسيس جمعية استعادة الوطن حدثا تاريخيا عظيما أتى بالمنظمة السياسية القادرة على تحقيق رغبة الشعب الكوري في الوحدة الكبرى للأمة، التي كانت في استحالة رجائها، رغم ظمأه الملح إلى تحقيقها.
وعلى صعيد آخر، بذل الرئيس جهوده الكبيرة للعمل التحضيري من أجل استقبال الحدث العظيم لتحرر كوريا على وجه المبادرة، عن طريق شن المقاومة الشعبية الشاملة. فتحت قيادته، انتشرت شبكة منظمات جمعية استعادة الوطن في مختلف أرجاء البلاد، وكل الأماكن الخارجية حيث يسكنها أبناء الشعب الكوري، وانضمت إليها جموع غفيرة من القوى الوطنية المناهضة لليابان من مختلف الطبقات والفئات، مثل العمال والفلاحين والطلبة الشباب والمثقفين. وإلى جانب ذلك، أنشئت المعسكرات السرية الثابتة والمؤقتة لخوض المقاومة الشعبية الشاملة، في مختلف أنحاء كوريا، المتمحورة على منطقة جبل بايكدو، بحيث استعد فيها عدد كبير من منظمات الانتفاضة المسلحة والوحدات المسلحة لخوض المقاومة الشعبية الشاملة من أجل تحرير كوريا على وجه الدقة والكمال.
وبحلول الأربعينيات من القرن الماضي، حرص الرئيس على الاحتفاظ بالقوى، عن طريق انتقال أسلوب المعارك من عمليات الوحدات الكبيرة إلى عمليات الوحدات الصغيرة، من أجل استقبال الحدث العظيم لتحرر كوريا على وجه المبادرة، بما يتفق مع متطلبات الوضع الناشئ، وعنى بإعداد مقاتلي حرب العصابات المناهضة لليابان للهجوم النهائي بغية هزيمة الإمبرياليين اليابانيين، وذلك عن طريق تزويدهم التام بالطرق القتالية والتكتيكات للحرب الحديثة وحرب الجيش النظامي.
على أساس هذه الاستعدادات المتكاملة، أصدر الرئيس أوامره ببدء عمليات الهجوم النهائي لتحرر كوريا، في اليوم التاسع من آب عام 1945. تقدم مقاتلو حرب العصابات المناهضة لليابان كالأمواج الهوجاء، كما هبت منظمات الانتفاضة المسلحة في كل أرجاء البلاد في آن واحد، لتشن العمليات العسكرية خلف العدو، حتى تحررت كوريا أخيرا في اليوم الخامس عشر من آب عام 1945.
كان تحرر كوريا انتصارا رائعا تحقق بعمليات الهجوم العام للجيش الثوري الشعبي الكوري، بكونه قوة رئيسية للثورة المناهضة لليابان، وتعبئة قوى المقاومة الشعبية الشاملة المنضمة إليها، تحت القيادة الحكيمة للرئيس كيم إيل سونغ.
هكذا، رفع الرئيس كيم إيل سونغ راية تحرير البلاد بالقوة الذاتية، وقاد النضال المسلح المناهض لليابان إلى النصر، باتخاذ أسلوب حرب العصابات أساسا له، حتى حقق تحرر كوريا. إن مآثره هذه ستتألق إلى الأبد مع تاريخ الشعب الكوري.