الأخبار
ثقافة الانتماء
ثقافة الانتماء
شاءت الاقدار ان يكون هناك انقسام طبيعي في العالم بين الشرق والغرب اتسم الشرق بالحضارة والثقافة والدين والقيم بينما اتسم الغرب بالحضارة المادية التي استغرقت كل تفاصيل حياته بفعل الراسمالية المتوحشة ومن خلال وباء العصر جائحة كورونا تكشفت لنا هذه القيم في التعامل مع هذا الفيروس ونتائجه على الارض حيث نجد ان دول الشرق كانت هي الأقل ضررا من حيث الاصابة والموت عكس دول الغرب الأكثر ضررا من حيث الاصابة والموت بصورة اشبه بالكارثة بدأ الفيروس في الصين وسرعان ما اتخذ المسؤولون في بيونج يانج الاحتياطات اللازمة للتعامل مع الجائحة بوضع بروتوكول لطوارئ صحية صارم جدا بقفل الحدود ومنع الدخول للبلاد بالإضافة لتطبيق العزل لكل القادمين من بلد الوباء قبل تاريخ انتشاره ثم عمل حجر لكل السكان بتطبيق التباعد الشخصي ومنع الاختلاط في جميع الانشطة سبقت كوريا العالم أجمع في تطبيق هذا النظام الصحي بقسوة جعلت المراقبين والسفراء الأجانب يجأرون بالشكوى لتحديد تحركاتهم ولكن لم تنثني الإدارة العليا للدولة لأي ابتزاز واصرت على تطبيق معاييرها للسلامة العامة لم تمضي اسابيع حتى اجتاح الوباء كل العالم وحدثت انهيارات للأنظمة الصحية في أوروبا وأمريكا نتيجة عدم الالتزام بتطبيق معايير وبروتوكولات السلامة الصحية عندها علم الناس أن ما طبقته بيونج يانج كان هو الصواب منظمة الصحة العالمية تشككت في البدء ولكن بعد متابعة التقارير الصحية من مكتبها هناك اعترفت اخيرا وأعلنت ان كوريا استطاعت حماية نفسها من هذا الوباء نخلص من هذه المقارنة التي جعلنا فيها النموذج كوريا من دول الشرق مع نظيراتها من دول الغرب لوجدنا ان اسباب نجاح ذلك هو ثقافة الانتماء حيث أن الإنسان في الشرق لديه رابطة قوية للانتماء للدولة والأرض والثقافة واللغة والعقيدة وكل ذلك الشعور يعتبر من متطلبات الدولة وهو ما يسمى بالامن القومي وبه تكتمل أركان الدولة الحديثة في كل دول الشرق والشرق الادنى يعتبر الإنسان عنوان مهم في حلقة تطور الدولة ومن خلال المثال الذي أشرنا إليه خلصنا الي أن دول الشرق الصين وكوريا وفيتنام ودول أخرى استطاعت احتواء جائحة فيروس كورونا والتغلب عليه بحكم وعي الإنسان والالتزام بالقانون والقيم والمثل والأخلاق بالإضافة للاهتمام بالصحة العامة والنظافة الشخصية حيث ترتفع مستويات النظافة الشخصية للانسان بحكم الانتماء الحضاري والثقافي للمنطقة نستطيع القول ان تدبير الإدارة في بيونج يانج للقضاء على الجائحة ما كان لها أن تنجح دون وعي المجتمع وتعاونه مع الدولة بتطبيق الإرشادات والالتزام بالبروتوكولات التي طبقت من اجل ذلك وهذا ما اطلقنا عليه ثقافة الانتماء وقد فشلت دول الغرب وهي دول قلقة في محاصرة الجائحة والقضاء عليها لتدني معايير ثقافة الانتماء عندهم حيث أن الإفراط في الديمقراطية يجعل من الإنسان كائن فردي ذاتي واناني ولا يستطيع التعاون مع مجموعته للقضاء على هذه الجائحة كذلك ان الغرب دائما ما يستثمر الحوادث بغية الاستفادة المادية القصوى من خلال شركات الرأسمال المتوحشة ضربت بيونج يانج مثلا يحتذى وأعطت العالم درسا مجانيا في كيفية الاهتمام بصحة الإنسان وحفظه من الكوارث وفق خطة مدروسة رغم الظروف السياسية والعقوبات الدولية والحصار الظالم المفروض عليها يجب على المنظمات الدولية ذات الشأن ان تدرس و تهتم بذلك الأمر جيدا وتقدمه للعالم كتجربة من دولة رائدة ولها رؤية وفكرة يمكن تطبيقها في اي دولة تريد الاعتماد على نفسها مجلس التعاون العربي الكوري ينبغي عليه نقل التجربة الذاتية لكوريا والترويج لها في دول المجلس حتى نستطيع تقديم نموذج يصلح تطبيقه بمسمى التجربة الكورية في إدارة الازمات والكوارث وستنجح الفكرة لان دول المجلس تنتمي للشرق وثقافة الانتماء والقيم والتقاليد والسلوك الحضاري فوزي حمدان الفجو مدير مجلس التعاون العربي الكوري مكتب السودان