جبل بايكدو في عيون نيوزيلاندي

"أعتقد، من خلال تسلقي جبل بايكدو لأول مرة، أن هذا الجبل هو تحديدا أجمل جبل في العالم من تلك الجبال التي تسلقتها حتى الآن." هذا ما قاله النيوزيلندي روغر شيفيرد في مقابلة مع مراسل صحيفة الإنترنت الأسترالية "أيه. بي. سي".

المناظر الطبيعية العجيبة

جبل بايكدو الواقع على الحدود الشمالية الكورية أعلى جبل في شبه الجزيرة الكورية بارتفاع 2750 مترا عن سطح البحر وهو ظل معروفا منذ القدم بجبل شهير أسطوري نظرا لأنه يتعمم بالثلوج البيضاء على مدار السنة.

أكثر ما يثير جلالة وضخامة في هذا الجبل هو لحظات طلوع الشمس.

ما إن راحت السماء الشرقية تضيء على قمم الجبل حتى يبدأ بزوغ الشمس الأخاذ، إذ تنبثق، بادئ ذي بدء، قطعة من النور بين غطاء من السحب، ثم تنتشر تدريجيا إلى كل الجهات مشكلة الخطوط الغليظة حتى يبدو في غمضة العين كأن السماء والأرض كلتيهما تشتعلان. مما يجل عن الوصف بكلمة واحدة جلالة مشهد بزوغ الشمس الذي يوحي للناظرين كأن الكتلة العملاقة من النار والتي كانت مختفية عن الأبصار تطلع فجأة، وغرابة الفجر المتوهج مثل الحديد المصهور في الفرن العالي، متناسقا بالألوان البرتقالية والحمراء.

وعلى قمة جبل بايكدو توجد بحيرة تشون التي تضم عددا كبيرا من الأساطير.

يبلغ عمقها الأقصى 384 مترا ومساحتها 17ر9 كيلومتر مربع وكمية مياهها حوالي 1955 مليون متر مكعب وهذا ما يجعلها أعمق بحيرة جبلية في العالم. كما أن هذه البحيرة مشهورة بإحداث تغيرات متعددة مفاجئة، وعلى سبيل المثال، يلفها حينا الضباب الكثيف إلى حد لا يمكن معه تمييز حتى مسافة الخطوات أو يخيم عليها السكون الفائق، وحينا آخر، تتوارى الغيوم عن الأنظار في لمح البصر وتحل مكانها السماء الزرقاء بحيث تنعكس على سطح البحيرة الأشبه بالمرآة مناظر جبل بايكدو العجيبة ومختلفة الأشكال.

وتحيط بالبحيرة سلاسل قمم هذا الجبل والجروف الشاهقة وغريبة الأشكال كالبرافان، وإن عدد قممه التي يزيد ارتفاعها عن سطح البحر على 2500 متر، مثل قمة زانغكون، أعلى قممه بارتفاع 2750 مترا يصل إلى أكثر من 20 قمة.

وفي هذا الجبل، تشكل الشلالات التي تنبع من بحيرة تشون مناظر طبيعية مميزة، ومن بين تلك الشلالات العديدة، يعد شلال بايكدو ميليونغ بارتفاع 50 مترا أعلى الشلالات وأضخمها. في الشتاء، تتشكل فيه أعمدة الجليد ولكن المياه تتساقط بداخل تلك الأعمدة المجوفة، وفي الصيف، تطلع مياه الشلال أحيانا إلى الفوق باتجاه معاكس كالنافورة بتأثير هبوب الريح الصاعدة القوية.

وكثيرا ما تحدث ظاهرة العمود المائي على ضفاف هذه البحيرة. عند هبوب الإعصار على سطح البحيرة، يتصاعد عمود الماء إلى علو عشرات أو مئات الأمتار، وعند انتقاله، تقع دوامة كبيرة على سطح الماء حوله مخلفا ضبابا كثيفا على جوانب البحيرة كلها.

كل من يصعدون جبل بايكدو يمكنهم أن يروا معظم النباتات النامية في المنطقة المعتدلة، والأصقاع الواقعة جنوبي المنطقة القطبية الشمالية، والمنطقة القطبية المتجمدة. تنتشر في هذا الجبل أعداد كبيرة من النباتات مثل الراوند الذي يعرف بأنه لا يستوطن إلا سلسلة جبال هملايا، ويألفه كثير من الحيوانات التي تم تحديدها كمعالم طبيعية وحيوانات محمية دولية بحيث تم تسجيل منطقة هذا الجبل كمنطقة الحماية الدولية للغلاف الحيوي.

جبل الرجل العظيم

إذا كان جبل بايكدو يجتذب أنظار الناس بشكل خاص فذلك ليس لمجرد أنه يتميز بالمناظر الطبيعية والجغرافية العجيبة، بل لأنه مشهور في العالم بنقطة الارتكاز والمركز للحرب المناهضة لليابان والتي خاضها الرئيس كيم إيل سونغ (1912 - 1994)، مؤسس كوريا الاشتراكية من أجل تحرير هذا البلد من براثن الاحتلال الإمبريالي الياباني.

كما أن هذا الجبل ذائع الصيت بمكان ميلاد الرجل العظيم، السياسي الفذ كيم جونغ إيل (1942 -2011)، رئيس لجنة الدفاع الوطني كابن لجيش حرب العصابات في كوخ مبني من جذوع الأشجار في وادي سوبايكسو. في مقربة من بيت ميلاده في معسكر بايكدوسان السري، تقع القمة الشامخة بمنتهى غرابة الشكل وهي التي يسميها الشعب الكوري بقمة جونغ إيل بعد نقش اسمه الموقر على سطحها.

فقد انطلق الرائد النيوزيلندي روغر على طريق تسلق جبل بايكدو على رأس جماعة الريادة الأجنبية بقصد الاطلاع بصورة أعمق على هذا الجبل الشهير بتاريخ العظماء ونشره في المجتمع الدولي.

قال إن "هذا خيار من حياتي وهذه الفرصة تتيح لي أن أعيش حياة رائعة".