الأخبار
يا عقلاء العالم انتبهوا...!!
بقلم : د. يحيى خيرالله
يا عقلاء العالم انتبهوا...!!
مع أن الوضع الحالي في شبه الجزيرة الكورية غير مستقر لأنه على وشك إشعال حرب لا يحمد عقباها، خاصة وأن الاستفزازات الأمريكية بمساندة صارخة لأتباعها عند استعراض القوة المبالغ فيه، جعلت العيش بسلام في مثل هذا الإقليم من العالم أمر صعب، ولأن الحكمة تقتضي أن نتقبل اختلافاتنا وأن تكون لدينا القدرة على الاستماع إلى الآخر دون ازدراء أو تفرقة، اقرارا منا بالمساواة بين البشر تحت لواء الاحترام والحوار المعترف به على أنه طريق التعامل الأجدى دون تعال أو غطرسة بسبب القوة، كل هذا سيكون السبيل إلى التعامل معا بأمن وسلام.
ولعل الحقيقة الصارخة أمام المجتمع الدولي هي تعزيز السلام والتسامح والتضامن، والتأكيد على الرغبة في العيش والتعاون معًاً، على الرغم من الاختلاف القائم على بناء مجتمع دولي ينعم بالعدل والسلام بعيدا عن الزيف والعبارات الجوفاء في المؤتمرات الدولية التي نعدها إحدى المسرحيات الهزلية، البطل فيها والكومبارس وشاهد الزور والجمهور سيان و لا حول لهم ولا قوة، فكل يبكي على شاكلته متأثرا دون وعي.. على الرغم من علمه التام بأن ما يحدث مخطط وممنهج.
حين نرغب في استعراض حال المجتمع الدولي بعد الخراب الذي خلفته الحرب العالمية الثانية، والذي أدى إلى إنشاء الأمم المتحدة بأهداف ومبادئ خاصة لتوقف ويلات الحرب والدمار والخراب وتنقذ الاجيال القادمة، وكان أحد أهم هذه الأهداف هو بناء تعاون دولي لحل المسائل الدولية ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والإنساني، وتعزيز احترام حقوق الانسان والحريات الأساسية للناس جميعًا دون أي تمييز.
كما أن جميعنا يعلم أن الشغل الشاغل في الميثاق التأسيسي لليونسكو هو السلام من خلال العبارات الرنانة التي تطرب الأذن ولا يحرك أصحابها ساكنا ''ولما كانت الحروب تتولد في عقول البشر، ففي عقولهم يجب أن تبنى حصون السلام''، كما أن الجمعية العامة بدورها أكدت على أن السلام لا يتوقف على غياب الصراع فحسب، بل على عملية دينامية وإيجابية وتشاركية، حيث أنها تُشجع الحوارات وتعمل على حل النزاعات بروح التفاهم والتعاون المتبادل.
لقد أثلجت تلك الدباجة صدور كاتبيها فقط ، لأنها لم تكن ذات تأثير على واقعنا المرير، ولكي تؤدي تلك العبارات دورها كانت تحتاج إلى القضاء على جميع أشكال التمييز والتعصب ومحاولة الهيمنة على العالم وجعله ذو قطب واحد، يتصارع فيه الآخرون حتى ينفصل إلى قطبين، أما باقي الدول فتدور في فلكهما، وتصبح الأهداف الاستعمارية للقوى العظمى هي الهدف الأسمى والهدف المنشود، وزعزعة الاستقرار والهيمنة وتكوين الأحلاف ليتحول العالم إلى غابة – نعم لقد أصبحنا الآن في حكم قانون الغاب - وأضحت الحروب تنقل على الهواء مباشرة مثل مباريات التنس، وكل ذلك على مرآى ومسمع الأمم المتحدة المنوطة بالسلام والأمن الدوليين .
وبعد أن تحول العالم إلى بؤر ملتهبة وعلى رأسها شبه الجزيرة الكورية، التي انشطرت بفعل فاعل عمدا إلى شطرين، وانقسمت الأمة الواحدة وأشعلت الولايات المتحدة الأمريكية فتيل العداء بين أبناء اللحمة الواحدة وانحازت لطرف دون الآخر حتى تحقق أهدافها الاستعمارية في المنطقة تحت شعار " فَرِّق تَسُدْ " وكذلك منطقة الشرق الأوسط ورأس حربتها فلسطين الأبية المحتلة تعاني ويلات الحرب مع الكيان الصهيوني على مرآى ومسمع من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي وكل ذلك بمباركة أمريكية غربية.
يا عقلاء العالم انتبهوا فالوضع الآن ينذر بالخطورة البالغة خاصة في شبه الجزيرة الكورية لأن الحرب أوشكت أن تنشب دون سابق إنذار ضد كوريا الاشتراكية من القوى المعادية لها والتي تلجأ إليها الولايات المتحدة الأمريكية والقوى التابعة، مما يثير قلقا شديدا من الشعوب المناهضة للمحبة للسلام في العالم.
والعجيب أننا نتابع في وسائل الاعلام أخبار الولايات المتحدة الأمريكية التي تنشر حول شبه الجزيرة الكورية دائما أصولها الاستراتيجية الكامنة في أسلحتها النووية الضخمة وتجري المناورات الحربية بشكل دوري ومدروس وممنهج، مستعرضة قوتها بمشاركة أتباعها.. والسؤال هنا.. هل يجب على كوريا الديمقراطية أن تقف مكتوفة الأيدي؟! أليس هذا تدخل في شئون كوريا الديمقراطية العضو في الأمم المتحدة ومحاولةٌ لإشعال فتيل الحرب؟! معلنةً وبوضوح وتباهٍ أنها ستتخلص من "سلطة" كوريا الديمقراطية، أليس هذا مخالفا للقوانين الدولية؟ إنه تهدد صارخ للسلام والأمن في المنطقة من وقت لآخر من خلال توثيق التواطؤ العسكري مع القوى التابعة لها، دون تحرك من المنظمات الدولية والدول التي تتشدق بحقوق الإنسان في محافلها الدولية، إنه لعار أن يقف المجتمع الدولي شاهد زور ولا يحرك ساكنا.
وعلى الرغم من تلك المواجهة الشرسة استطاعت كوريا الديمقراطية بقيادة الرئيس كيم جونغ وون أن يقف بشجاعة مرفوع الرأس في مواجهة تلك القوة الضاربة وليس أمامه سبيل سوى تطوير قوة الدفاع الوطني، خاصة القوى النووية، ليتمكن من صون السلام والأمن في شبه الجزيرة الكورية.
لقد لجأت كوريا الديمقراطية إلى السلاح النووي للدفاع عن النفس، فتصيح أمريكا ومن يتبعونها كالذيل ومن خلفهم الأمم المتحدة كصدى الصوت بأن امتلاك كوريا للسلاح النووي يهدد السلم في العالم، هل فقد المجتمع الدولي عقله، في الضفة الأخرى إسرائيل تمتلك السلاح النووي ولا تحرك أمريكا والأمم المتحدة ساكنا وتحارب شعبا أعزلا وترتكب أبشع جرائم الحروب وتتحدى قرارات الأمم المتحدة، لماذا الكيل بمكيالين؟!
وحتى نكون منصفين ونتعامل مع الأمر بموضوعية يجب علينا أن نستعرض متطلبات الشعب الكوري الذي يطالب بالعيش باستقلالية وسلام وأمن وعدم التدخل في شؤونه الداخلية وفرض الخناق عليه، أليس هذا مطلبا عادلا ومشروعا للشعب الكوري؟ وهل سيظل المجتمع الدولي يقف موقف شاهد الزور !!
إن من يمتلك الضمير الإنساني يجب عليه أن يكون منصفا للحق في تأييد المطالب العادلة للشعب الكوري وحقها العيش بسلام وأمان واستقلالية وفي إقامة النظام الدولي الحقيقي القائم على احترام الاستقلالية، وبناء عالم تتحقق فيه سيادة جميع البلدان والأمم بشكل كامل دون وجود للسيطرة مع استعباد التدخل والضغوطات.
إن كوكب الأرض يواجه تحديات من ساكنيه ربما تؤدي إلى تدميره بدلا من السعي لتعميره ونشر السلام والأمن الدوليين، نحن في الألفية الثالثة ومازالت بلاد أقدم من التاريخ محتلة وأمة حضارتها خمسة آلاف عام منقسمة، هل هذا النظام الدوالي المصاب بشيزوفرينيا نظاما عادلا ؟؟؟؟!!!!
إن تأييد الحقوق العادلة للشعب الكوري تنطلق من ضميرنا الإنساني، لأننا لم نسمع يوما أن كوريا الديمقراطية ألقت قنابل نووية على بلد أو ساعدت وخططت لعصابة تحتل بلدا مستقلا أو سعت إلى تقسيم أمة واحدة إلى شطرين.